اقتصادمقالات

بين واقع الدولار وتهديد السيولة: هل الإجراءات الأخيرة كافية؟

تشهد ليبيا جدلاً اقتصادياً محتدماً عقب إجراءات مصرف ليبيا المركزي الرامية إلى إغلاق السوق الموازي للعملة وسحب كميات كبيرة من الدينار من خزائن التجّار وإيداعها في البنوك، في خطوة معلنة لضبط سعر الصرف وتخفيف أزمة السيولة.

في حين يرى مؤيدون أن هذه الخطوة حازمة لكبح المضاربة، يحذر آخرون من تداعيات محتملة قد تزيد الأعباء الاقتصادية على المواطنين والتجّار.

أثر فوري محدود:

بحسب متابعين للسوق، قد تؤدي الإجراءات إلى تراجع مؤقت في سعر الدولار نتيجة تقلص التداول النقدي خارج القنوات الرسمية وانخفاض نشاط المضاربة على المدى القصير، إلا أن الخبراء يرون أن هذا التأثير هش ما لم يُدعم بإصلاحات موازية لضمان تدفّق منظم للنقد وتوفّر الدولار عبر قنوات رسمية وشفافة.

مخاوف من تعميق الأزمة:

يحذر اقتصاديون من أن تجفيف السيولة دون بدائل عملية قد يزيد الأزمة النقدية، ويضغط على الحركة التجارية اليومية، ما يدفع المواطنين والتجّار إلى اللجوء للدولرة أو الذهب كملاذ آمن، مما قد يرفع سعر الدولار مجدداً في السوق غير الرسمية. كما أن إغلاق السوق الموازي بالقوة قد يدفعه للعمل في الخفاء بدل القضاء عليه.

إعادة العملة المسحوبة بين الجدوى والمخاطر:

يُثار جدل حول تحميل محافظ المصرف المركزي مسؤولية الأزمة، والمطالبة بإعادة العملة المسحوبة. ويشير مختصون إلى أن الضخ العشوائي للنقد قد يخفف أزمة السيولة مؤقتاً، لكنه لن يحل اختلالات سعر الصرف، خصوصاً إذا لم يرتبط بإجراءات تنظيمية تعزز الثقة في المنظومة النقدية.

بدائل إصلاحية مطروحة:

ويجمع المحللون على أن الحل الأكثر فاعلية يكمن في حزمة إصلاحية تشمل: تنظيم سوق الصرف عبر قنوات رسمية لتلبية الطلب الحقيقي، توفير سيولة كافية ومنتظمة دون تجفيف مفاجئ، تسريع التحول إلى الدفع الإلكتروني مع بنية تحتية موثوقة، وضبط الإنفاق العام بالتنسيق بين السياسات المالية والنقدية.

في الحوصلة، قد تمنح إجراءات إغلاق السوق الموازي وسحب السيولة هدوءاً مؤقتاً، لكنها وحدها لا تكفي لضمان استقرار دائم. فبدون إصلاحات شاملة لمعالجة جذور الخلل، تبقى المخاوف قائمة من عودة الاضطراب وارتفاع الدولار، بما يثقل كاهل المواطنين في ليبيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى